28 سبتمبر 2025 - 18:30
الخبراء لدی الحوار مع وكالة أنباء -أبنا- : الشهید السید حسن نصر الله نموذج أخلاقي، وعابد ثوري، وبطل تجاوز الزمن

كان أعظم إنجاز لهذا الشهيد العظيم ،کعالم ديني وقائد سياسي، هو ترسيخ ثقافة الشرف والفخر.  وهو کملاذ حصين في وجه الدول المتغطرسة ضحّی بحياته كلها في سبيل هذه القضية.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ـ في 27 سبتمبر/أيلول 2025، شهد العالم فقدان أحد أبرز قادة المقاومة، السيد حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لحزب الله اللبناني. وبعد عام من استشهاده في الهجوم الجبان للكيان الصهيوني، لا تزال ذكرى هذا القائد الكاريزمي حية في قلوب ملايين اللبنانيين والعالم. لم يكن نصر الله رمزًا لمقارعة الظلم والاحتلال فحسب، بل غيّر، بقيادته الحكيمة، معادلات المنطقة لصالح العدالة والكرامة الإنسانية.

بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد هذه الأسطورة للمقاومة، تحدث خبراء إقليميون من لبنان، والبحرين واليمن مع وكالة أنباء _ابنا_ عن الدور الفريد للسيد حسن نصر الله في نمو حزب الله وانتصاراته التاريخية وتأثيره الدائم على مستقبل المقاومة، نصه یأتي فیما یلي:

قيادة استثنائية في تاريخ المقاومة

أشاد الدكتور "فيصل عبد الساتر"، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني وخبير القنوات التلفزيونية في المنطقة، بالذكرى الأولى لاستشهاد الأمين العام الراحل لحزب الله في لبنان، قائلاً: "في هذه اللحظات، يمتزج الحزن بالفخر. نعرب عن محبتنا وامتناننا لشخصية استثنائية، ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة أجمع. السيد حسن نصر الله، الشهيد الأعظم، الذي اغتيل في 27 سبتمبر/أيلول 2024 بـ 84 طنًا من المتفجرات على يد الطائرات الصهيونية، وانتقل من هذه الدنيا إلى مکانة الأبرار، والشهداء، والصديقين، والأنبياء.

كان قائدًا فريدًا لم يشهد التاريخ المعاصر مثله، وسيبقى في أذهاننا نموذجًا خالدًا. تكريمه ليس تقديسًا لشخص، بل هو إحقاقٌ لحقٍّ نبيلٍ له لدوره الفريد في المقاومة.

قيادة المقاومة نحو انتصارات تاريخية

وأضاف فيصل عبد الساتر، مستعيدًا بعضًا من لحظات حياة قائد المقاومة المباركة: تولى السيد حسن نصر الله قيادة هذه الحركة عام ١٩٩٢، بعد اغتيال أستاذه، السيد عباس الموسوي، الأمين العام لحزب الله آنذاك. وقد قاد، وهو الذي ناضل على درب المقاومة منذ عام ١٩٨٢، حزب الله والشعب اللبناني إلى انتصارات باهرة على العدو الصهيوني. وفي عامي ١٩٩٦ و٢٠٠٠، المعروفين بعامَي الحرية، حرر نصر الله، بصفته الشخصية الأبرز في العالم العربي، لبنان من احتلال الكيان الصهيوني.

وفي حرب الـ ٣٣ يومًا عام ٢٠٠٦، هزم بقيادة حكيمة ومنقطعة النظير الكيان الصهيوني وداعميه الغربيين وبعض الدول العربية. وحسب قول الصهاينة أنفسهم، انتصر حزب الله في هذه المعركة. وأثارت هذه الانتصارات، إلى جانب دعم حزب الله للشعب الفلسطيني في غزة منذ 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كراهية واستياء النظام الصهيوني، مما أدى في النهاية إلى اغتيال نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول 2024.

إرثٌ خالدٌ وملهمٌ لشهيد

وصف هذا المحلل اللبناني اليوم فقدان هذا القائد المقاوم الشجاع بالألیم، وقال: نقول بكل فخر واعتزاز: إن السيد حسن نصر الله لم يفارق هذه الدنيا إلا بنواله وسام الشهادة. لقد كان أهلاً لهذه المكانة الرفيعة، وستبقى ذكراه مصدر إلهامنا ومرشدنا حتی الأبد. إن حزباً أنجب قادةً كهؤلاء سينتصر لا محالة على الكيان الصهيوني المجرم وداعميه، بما في ذلك أمريكا. هذا هو إيماننا ويقيننا الذي نسعى جاهدين لتحقيقه. إن راية الحق، والدفاع عن المظلومين وفلسطين والكرامة وأرضنا، لا تزال مرفوعة بفضل جهود السيد نصر الله ورفاقه. هنيئاً لكل من سار على هذا الدرب واستجاب لنداء الحق والشهادة. سيبقى السيد حسن نصر الله معلمنا وملهمنا وقائدنا حتی يوم الدين.

رؤية توحيدية وقيادة ملهمة

وصف الشيخ عبد الله الصالح، نائب رئيس جمعية العمل الإسلامي البحرينية، وهو خبير آخر في هذا اللقاء الافتراضي، شخصية "السيد حسن نصر الله"، قائلاً: "إن الحديث عن هذا الشهيد العظيم كلامٌ عميقٌ وملهمٌ يعكس رؤيته التوحيدية؛ رؤيةٌ تجاوزت الانتماءات الضيقة، وركزت على أفق الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء. إن تمجيد نصر الله ليس تمجيدًا لشخص، بل هو تذكيرٌ بالقيم السامية للإنسانية ومشروع المقاومة الذي لا يعرف الهزيمة.

كان رصيدًا فكريًا وسياسيًا وروحيًا كبيرًا للأمة، ورغم ألم فقدانه، إلا أن حضوره الروحي في المجتمع سيبقى خالدًا، يُلهب ضمير المقاومة. لقد علّم قائد المقاومة أنصاره أن طريق الحرية لا يُرسم إلا بالتضحيات الجسام.

الدور الإداري والسياسي في تعزیز المقاومة

وأضافت هذه الشخصية البحرينية: كان السيد حسن نصر الله شخصيةً كاريزمية، تجمع بين هيبة عالم دين وخبرة قائد سياسي. كان يتحدث بلغة بسيطة وصادقة يفهمها الفلاح والمتعلم على حد سواء. وقد أكسبته صدقه وثبات مواقفه ثقة الجمهور بشكل مدهش.

بإدارته لجبهة المقاومة، حوّل حزب الله من منظمة مقاومة إلى مؤسسة متكاملة ذات أذرع عسكرية واجتماعية وسياسية وإعلامية. تصرف نصر الله بخبرة وثبات في الأزمات والحروب والاغتيالات والحصار. بنى هيكل حزب الله الداخلي على الكفاءة، وأتاح للعلماء والشباب والمجاهدين فرصة تحويل المقاومة إلى مشروع شامل يتجاوز السلاح. وكان دوره السياسي في تحويل المقاومة إلى معادلة إقليمية إنجازًا منقطع النظير، كشف عن الأنظمة العميلة ومؤامرات التطبيع ضد القضية الفلسطينية. وكانت خطاباته موحدة وتخاطب كل شرائح المجتمع من الشيعة والسنة إلى المسيحيين وأحرار العالم.

القدوة الأخلاقية والزهد الثوري

وأكد الشيخ عبد الله الصالح أن "أخلاق السيد حسن نصر الله جعلته قدوة لا تُضاهى"، مضيفًا: "كان دائمًا يذكر الشهداء ويُعلي من شأن ثقافة التضحية والوفاء. بساطته في الحياة، بعيدًا عن مظاهر القوة، مع تواضعه ورحمته وثباته، جعلته رمزًا للزهد الثوري. كانت كلماته مليئة باللطف والدعاء والحرص على شؤون الأمة الإسلامية. لم يكن نصر الله قائدًا سياسيًا أو عسكريًا فحسب، بل كان أيضًا مهندسًا لنهج المقاومة، جمع بين الإيمان والإدارة والأخلاق والسياسة. بنى جبهة واعية ومقاومة في وجه الاستكبار العالمي، شامخة في كرامتها وحريتها. سيبقى الشهيد السيد حسن نصر الله، هذا الشهيد النبيل والرفيع، مصدر إلهام لنهج المقاومة إلى الأبد".

الخبراء لدی الحوار مع وكالة أنباء -أبنا- : الشهید السید حسن نصر الله نموذج أخلاقي، وعابد ثوري، وبطل تجاوز الزمن

رمزٌ للصمود في وجه الاستكبار العالمي

أشاد العميد حميد عبد القادر عنتر، مستشار رئيس الوزراء اليمني والكاتب والمحلل السياسي، بشخصية الأمين العام الشهيد لحزب الله، قائلاً: "بمناسبة ذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله، حفيد رسول الله (ص)، من اليمن الحضاري والتاريخي، نتقدم برسالةٍ مفعمةٍ بالتعاطف والاعتزاز لحزب الله وجميع دول محور المقاومة. هذه الرسالة بمناسبة استشهاد هذا الشهيد الجليل الذي أصبح رمزًا لمواجهة الاستكبار العالمي في العالمين الإسلامي والعربي.

كان السيد حسن نصر الله شخصيةً استثنائيةً ومتميزةً، كرّس حياته لخدمة المقاومة وقضية فلسطين المركزية، واستشهد في سبيل القدس. كان حصنًا منيعًا في وجه الاستكبار، وضحى بحياته في سبيله.

التعازي لمحور المقاومة والالتزام بالعهد

في هذه المناسبة الجليلة، نتقدم بأحر التعازي لعائلة الشهيد السيد حسن نصر الله الكريمة، ولحزب الله، ولجميع الدول الداعمة للمقاومة. إن مواقفه الجليلة والعظيمة في خدمة قضية فلسطين ودعم اليمن عظيمةٌ لا يسعنا حصرها هنا. باستشهاد هذا القائد العظيم، فقد حزب الله ومحور المقاومة شخصيةً محوريةً فريدةً لا يضاهيها أحدٌ في عظمتها. لكن ذكراه ونهجه سيظلان خالدين في قلوبنا، حافزًا لنا على مواصلة طريق المقاومة والدفاع عن المبادئ الإسلامية النبيلة.

الدكتور راشد الراشد، باحث وناشط سياسي من البحرين، كان من الخبراء الآخرین في هذا اللقاء الافتراضي، حيث استهل كلمته بتلاوة الآية 23 من سورة الأحزاب: قال الله تعالى: «مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَیٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِیلًا». في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشهيد العظيم السيد حسن نصر الله رضي الله عنه، نستذكر شخصيةً كانت رمزًا للشرف والكرامة والاحترام ليس فقط للمقاومة اللبنانية، بل وللإنسانية جمعاء.

أسطورةٌ تجاوزت الزمن

وأضاف راشد الراشد: "في هذه المناسبة العظيمة، فإن الحديث عن أبعاد شخصية السيد حسن نصر الله ليس حديثاً عن فرد، بل هو شرفٌ عظيمٌ للبشرية. لم يفقد العالم مناضلا نبيلاً فحسب، بل رجلاً أسطورياً كان رمزاً للشرف والكرامة في زمن الاستسلام والذل. لم يكن ينتمي للمقاومة اللبنانية أو الشيعة أو العالم الإسلامي فحسب، بل كان للبشرية جمعاء التي تقاوم الهزيمة والذل. أثبت السيد حسن نصر الله، بإرادته وإيمانه وبصيرته، أنه من الممكن مواجهة أقوى القوى المتغطرسة والمسيطرة في العالم، وأثبت أن ثقافة النصر والشرف والحرية الحقيقية قادرة على صنع المعجزات."

میراث النصر والمقاومة

كان أعظم إنجاز لهذا الشهيد العظيم هو ترسيخ ثقافة الشرف والفخر. ففي عالمٍ لا تجرؤ فيه 57 دولة عربية وإسلامية، بعشرات الملايين من جنودها، على مواجهة العدو، أثبت بإيمانه بالله والتشبث بحبله الإلهي أن الأمة قادرة على تحدي الطغاة الظالمين بثقةٍ وعزيمة. بشجاعته الفذة، حطم السيد حسن نصر الله منطق الظالمين الذين يريدون إخضاع الشعب، وأثبت أن النصر ممكن.

مواصلة مسيرة الشرف والكرامة

مع أن فقدان هذا الشهيد العظيم مؤلم، إلا أنه ترك خلفه مدرسةً فكريةً خالدةً؛ مدرسةً تضم آلاف القادة والكوادر الذين يعملون على استعادة حقوق الأمة المسلوبة والدفاع عن كرامتها. إن رثاءه ليس عزاءً فحسب، بل تجديدٌ للعهد بمواصلة مسيرته. سيستمر التحدي الكبير الذي شكّله للبشرية بثقافة النصر والشرف التي تركها. إن هذا الطريق هو طريق الدفاع عن الأرض والوطن والكرامة الإنسانية والذي سيبقى حتی الأبد.

تعليقك

You are replying to: .
captcha